الوجه الآخر لأعمال الخير


( الأفضل )

ما هي أعمال الخير التي نعرفها أو يعرفها أغلبنا ؟
( الصلاة ، الصيام ، الصدقة ، إطعام المساكين ، الأدعية ، الإكثار من الإستغفار .... إلخ ) ثم ماذا بعد ؟
ماذا نعرف عن أعمال الخير أكثر من هذا ؟
في الحقيقة هنالك أعمال كثيرة للخير نقوم بها ، ولا يتسع المقال لذكرها كلها ، لكن هنالك شيء واحد يعتبر أعظم من كل أعمال الخير التي نؤديها غير أننا نـصر أن لا نؤديه ، ذلك الشيء هو أن نحاول القضاء على  الوجه الأخر لأعمال الخير ، الدافع الذي يدفعنا لأعمال الخير الذي هو " إنتشار الفساد " !
مثلاً : الصدقة ماذا تعني ؟
تعني أن هنالك فاعل خير قد أخرج صدقة من ماله ، و في المقابل أن هنالك فقيراً قد تحصل عليها ، و رغم أن الصدقة شعيرة مهمة لترابط المجتمع ، إلا أن الأعظم من إخراج الصدقة هو أن يبحث المجتمع عن حلول تقلص أعداد المحتاجين للصدقات قدر المستطاع .
كذلك " إطعام المساكين " يعني أنه هنالك في المجتمع من يبحث عن الأجر من خلال إطعام المساكين ، و في المقابل أن هنالك و بكثرة من لا يجد ما يسد به جوعه ، إذاً الأفضل من إطعام المساكين أن تقل نسبة المحتاجين لطعامً يسدون به جوعهم .
 هنالك دائماً وجوه مخفيه وراء أعمال الخير ، لكننا نتجاهلها تمامً لأنها أصعب و أكثر مشقة ، رغم أن الله لم يأمرنا إلا لكي نمحو ذلك الوجه الأخر خلف أعمال الخير ، فهو الغاية هنا و ليست الغاية أن نعمل الخير !
 إن من يدعوا الله و يُلح في الدعاء ، الأفضل له أن يعمل و يجتهد في العمل و على المجتمع بمؤسساته أن تدعم كل من يرغب في العمل ، ثم يأتي الدعاء كسبب مساند لا كسبب وحيد .
لكننا نكتفي بالدعاء لأنه ليس بإستطاعتنا العمل ، و ليست هنا مؤسسات توفر بيئة مناسبة للعمل ! ، ثم لا يستجيب الله لنا !
 شيء عجيب !!
---
( الأسهل )

على الجانب الآخر ، نجد بيننا أناس يُكثرون من التسبيح و الإستغفار و قرآة القرآن ، أناس يُؤمنون بأن في كل حرف من حروف القرآن يتحصل القاريء على عشر حسنات ، فإن ختم أحدهم القرآن يزيد في رصيده ثلاثة ملايين حسنة تقريباً ! و هذا حق لكنه ليس المطلوب .
هنالك أيضاً من يُؤمن بأن الإستغفار مئة مرة ستبني له بيتاً في الجنة ، و أخرون يُؤمنون بأن التكبير ألف مرة ستجعلهم مع الصديقين و الشهداء لا محالة ، و البعض يعتقد أن قرآة الفاتحة كذا مرة ستلبي له جميع طلباته .

إن الوجه الأخر لكل هذا البحث المضني عن الأجر " بأيسر الطرق " أننا مجتمع يبحث عن الجنة دون تعب أو نصب ، نُريد أن نًرافق الأنبياء في الجنة بمائة إستغفار رغم أنهم نالوا تلك المنزلة من بعد معاناة و جهاد إستمر معهم طيلة فترة رسالتهم ، و نحن نسبح خمس دقائق ثم نعتقد أنها كفيلة بأن تضعنا في مصّافهِم !
ولا أدري صراحة ، هل من يفعل هذا يُؤمن به فعلاً ؟
هل الغاية من خلق الله للإنسان أن يُسبح و يهلل و يكبر بأسهل الطرق ، ثم يتباهى الإنسان أنه قد أدى الأمانة

هنالك يا سادة عملاً أعظم أجراً من كل تلك الأفعال ، وهو أن ينتشر في المجتمع مفهوم " أن الجنة تحتاج إلى عمل فعلي "

---------- ----------

أحد أصدقائي سافر بعائلته إلى أوروبا وصل هناك ثم إرتاح و بعد ساعات قليلة مرض إبنه ذو العشرة أعوام ، أخذه إلى أقرب عيادة خاصة فكشف عليه الطبيب و وصف له الدواء .
سأله صديقي عن الأجر فإستغرب الطبيب و قال : ألا تعلم أن هنالك قانون عام في الدولة بأن لا نأخذ على علاج الأطفال أجراً !
فهم صديقي من الطبيب أن هذا القانون يسري على الجميع ، الغني و الفقير .
ألا يحق لنا أن نعتبر هذا ( القانون العام ) أعظم أجراً من ألاف الجمعيات الخيرية التي تـُعنى بعلاج المرضى ؟
و بالمناسبة ، ما هو الوجه الأخر لكثرة الجمعيات الخيرية المختصة بعلاج المرضى ؟
الوجه الأخر أن هنالك ملايين المرضى لا يجدون أي عناية طبية إلا بمقابل ، فتضطرهم الحاجة إلى الجمعيات الخيرية ، لأن هنالك مستشفيات لا تهتم إلا بالمقابل .


والموضوع طويل ، الآهات فيه لا تنقضي .

و لولا أن يفهم البعض الموضوع خطأ ، لقلت أن هنالك أعمال خير في البلد ليست إلا " غسيل أموال " .

---------- -----------


وقفة :
( أن يكون فينا مليون فاعل خير ، فهذا معناه أن بيننا ملايين أخرى في أمس الحاجة ، حينها منطقياً لا أن نقول بأننا مجتمع مُحسن ، لأن الأقرب أننا مجتمع يعج بالفاسدين )

0 التعليقات :

إرسال تعليق