الله لا يتعامل مع الإنسان على أساس ( دقة بدقة )


كثيراً ما قرأنا كتباً أو كتيبات ، أو استمعنا إلى أشرطة و محاضرات ، و لم يكن محتوى كل ذلك إلا تناقضاً صارخاً لصريح قوله تعالى : { ولا تكسِبُ كل نفس إلا عليها . ولا تزرُ وازرة وزر أخرى } .. و قوله : { كل نفس بما كسبت رهينة }
آيات تقود الإنسان إلى حقيقة لا غبار عليها ، أن الله عادل رحيم حكيم ، و أن من تمام عدله و حِلمه أنه لا يُعاقب إنسانً بذنب أخر مهما كان قرب ذلك الأخر.. { لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت }
ثم يأتي من ينقل لنا قصصً و شهادات عن أناس ارتكبوا معاصي و أثام فعاقبهم الله في أحد المقربين منهم
طبعاً كل ذلك من باب التخويف و الترهيب الذي لا يُجيد غيره " البعض " .

أحدهم يضع في مقدمة كتابه ، حديث [ كما تدين تدان ] ، ثم يتبعه بآية { كل امريء بما كسب رهين } ! ، و رغم أن الحديث موضوع و الآية صحيحة إلا أنه قد بنى كامل كتابه على الحديث ضاربً الآية عرض الحائط
لماذا ؟ .. حتى نتعبد الله على خوف
ثم يختم كتابه بـ : الفضل في إنهاء هذا الكتاب لله و للموهبة التي منحها للقلم الذي نقل عن الواقع بأمانة

قصصً كلها ( عن ) ، نقلاً عن ، سمعت عن ، حدثني فلان عن ، أقسم لي من شاهد الحادثة ، لو يذكرها لي ثقة لما صدقت

إحدى القصص ،،
صديقين تقابلا بالشتائم ، ثم جلسا في مقهى يشاهدا في التلفاز لقطات ساخنة ، و عند نهاية المشاهد كانا قد تعاطيا ما يلزم في هذه الليلة الماجنة من شرب و شم و بلع ، ثم خرجا كالكلاب الضالة .
ذهبا بعدها كالعادة إلى إحدى العمائر تحت التشطيب ، و كانا يقابلان كل مرة فتاة يمارسان معها الرذيلة
ذهبا هذه المرة و إنتظرا لحظات ثم قال أحدهما : ها هي تأتي من بعيد ، لكن من الشخص الذي معها ؟
لم يكترثوا ! فقد كان همهم إلتهام الفريسة في هذا المكان المظلم ، ثم وبعد أن إنتهوا الثلاثة منها على الفجر و بدأ النور يتسرب إلى المبنى ، تبادل أربعتهم نظرات كسولة من الإرهاق
و فجأة يُخرج أحد الشباب سكينً و يضعه في قلب الفتاة ، ثم يطعن به صديقه ، أما الأخر فقد هرب ، لكن الشاب لم يلحقه لأنه قد طعن نفسه فوراً ! .. ظل الثلاثة ينتفضان كالدجاج ، حتى أسلموا أرواحهم
حضرت الشرطة إلى المكان و بعد التحقيق إتضح أن الشاب صاحب السكين و الفتاة ( أخ و أخت )
إنتهت القصة 
طبعاً المغزى واضح ، أن الشاب السِكير العربيد الذي لا يتوانى عن إنتهاك الحرمات و الزنى بالفتيات المسلمات ، قد عاقبه الله بأن جعله يزني بأخته و يزني بها صديقه و شخصً غريب ! لأنه قد زنى سابقاً 

و القصص كثيرة يصعب حصرها
قصص على وزن : شاب تعرف على فتاة ثم طلب منها أن تُحضر صديقتها لصديقه هو في الشقة " إياها " ثم و عندما حضرت صديقة الفتاة اكتشف الشاب أنها أخته فنحر أخته و صديقته و هرب صديقه
مثل هذه القصص التي تُناقض صريح الآيات القرآنية ، ماذا تفعل في عقل الشاب ؟
ببساطة : الإنسان ضعيف و قد يزني ، فإن زنى سيتذكر مثل هذه القصص فوراً و سيرتعب من الله أن يعاقبه في زوجته أو أخته أو إبنته ، " كل ذلك قد تخزن في اللاوعي لديه " بالتالي سيبدأ في معاملة نساء بيته إما أنهن قد زنين و يُخبئن الأمر أو أنهن حتماً سيزنين بسبب عمله .
سيعاملهن معاملة الفاجرات بسبب ما ترسب في ذهنه من تلفيق و زيف

فأي جُرم نصنع هنا ؟ ، أن نصور الله على أنه يقف بالمرصاد لكل مذنب و لا مكان للفرار
لنفترض أن الشاب بدأ يُضيق الخِناق على أخته مثلاً ، و يتقعد لها في كل خطوة ، قد تضعف فعلاً تحت هذا التضييق و ربما تهرب من هذا السجن إلى التعرف بشاب ما بحثاً عن متنفس 
حينها سيأتي " البعض " ليكتبون عن هذه القصة كأنها نصراً من الله
في الحقيقة إن المسألة أخطر مما نعتقد ، أو أعتقد أنا على الأقل ، فالأمر هنا أنه يتغلغل في لاوعي الفرد ، مما يضطره لا إرادياً إلى أن يتلبس شخصية ليست شخصيته إتقاءً لعقاب الله

فمن الجاني .. و الكل ضحايا ؟

----------   ----------

- من يزني يُزنى بأهله
- دقة بدقة و لو زدت لزاد السقا 
- إن الزنى دينً إن أقرضته ** كان الوفا من أهل بيتك فأعلم
- من يزن في الناس بألف درهم ** في بيته يُزنى بغير الدرهم
و تأتي الطامة أن الله سيأتيه بالعقاب مهما حرص المذنب ، فإن لم يأتيه الله عن طريق نسأه أتاه عن طريق جدار بيته !!
أحدهم يبرر الأمر بـ : أن الرجل الذي يقع في الزنى و يصر عليه ، سيسري فسقه إلى أهله ، لأن المخالطة تؤثر ، فلا يؤمن أن يقعوا فيما وقع فيه لهذا ! .. و هذا من العقوبات الدنيوية التي يُعجل بها الله لكل من ينتهك عورات المسلمين ، فيهتك الله عوراتهم جزاءً وفاقا

إن العلماء الصادقين بُح صوتهم و هم يشددون على أن هذا النهج يُخالف صريح الآيات ، و أنه يُعطي صورة خاطئة عن الله .. لكن يُصر البعض أن يتجاهلوا حقيقة الإسلام
 قال الشيخ الألباني -رحمه الله- : مما يؤيد بطلان هذا الحديث أنه يؤكد وقوع الزنى في أهل الزاني ، و هذا باطل يتنافى مع الأصل المقرر في القرآن ، أن ليس للإنسان إلا ما سعى .. نعم إن كان الرجل يجهر بالزنا و يفعله في بيته فربما سرى ذلك إلى أهله و العياذ بالله تعالى ، لكن ليس ذلك بحتم كما أفاده هذا الحديث .. فهو باطل
 و الله تعالى يقول : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ }

حسبي الله و نعم الوكيل

هناك تعليق واحد :

  1. شكرًا لك
    لم أنتبه يوماً الى هذه النقطة

    ردحذف