ملامح قرن الشيطان


لقد كان الإنسان في الجاهلية يئد الأنثى جهلاً ، أما اليوم فيئدها شرعاً .. أو ربما هو يُشرعن جهله


تبدأ الحكاية عندما بدأنا ننظر للفن أنه يؤجج الشهوة ، و أن الموسيقى تُؤجج الشهوة ، و الإختلاط يؤجج الشهوة ، و صوت المرأة يؤجج الشهوة ، عطرها ضحكها لبسها كلها يؤجج الشهوة ! ، و يبدوا أن تعذيبنا للمرأة بات هو الذي يؤجج فينا الشهوة ، و مجرد التفكير بإنتهاكها أصبح يؤجج فينا الشهوة ، حتى إنتهينا أننا الأن فعلاً نـُفكر في كل خطوة بأن نرتكب ما يُؤجج الشهوة !
و هذا طبيعي لأن مسألة الحفاظ على الفضيلة عندنا أصبحت هاجس مرضي ، لدرجة أننا في سبيل الحفاظ عليها لم نعد نتوانى عن إرتكاب كل الرذائل !

-----

يا سادة إن البركان بعد أن ينفجر يخمد ، لكنه قبل أن ينفجر يظل في باطن الأرض يغلي ، و يغلي بعنف لأنه مكبوت يبحث عن مـُتنفس فلا يجد و عندما يجده سينفجر ، و هذا هو حالنا أننا مجتمع مكبوت مُنغلق يغلي بعنف ، و لا يجد أي مُتنفسً طبيعي له لذلك سيأتي اليوم الذي ينفجر فيه المجتمع ليُخلف ورأه "في المستقبل" نماذجً مشوهة من الأخلاقيات ، تلك الأخلاقيات التي شوهنا أساساتها و نحن في الكبت هذا .
أخلاقياتنا التي سقطت بينما نحن مشغولون في معمعة الحفاظ المسعور على الفضيلة ، ثم لم نكترث بما سقط مِنا 

-----


( لقد صاحبوا الفضيلة حتى فجرت )

من الفتاوي المُخجٍلة ،،، 

الشاب الأمرد الوسيم : 
[ ينبغي على المرء أن يحذر من مصافحة الأمرد والحسن ، فإن مجرد النظر إليه من غير حاجة حرام على الصحيح المنصوص ]
[ إن نظرة المرء إلى وجه الأمرد بشهوة كنظرته إلى محارمه بشهوة ]
[ إن من يدعي أنه ينظر إلى الأمرد و الوسيم بلا شهوة فقد كذب ]
[ إن في النظر إلى الأمرد شهوة أشد من شهوة النظر إلى العذارى ]
[ إن اللواط على ثلاث : مصافحة الوسيم لواط ، النظر إلى الوسيم لواط ، و إتاء ذلك العمل لواط ]

التعامل مع المحارم :
[ الأصل أن تقبيل الأخ لأخته أو الأب لإبنته -تقبيل المحارم- أنه يجوز إن لم يكن بشهوة ، و لو قال قائلاً بحُرمة التقبيل مُطلقاً لما كان قوله ببعيد و ذلك سداً للذرائع ، فإن كان أحدهما طيب النفس فقد لا يكون الأخر كذلك ! ، ولا شك أن الإبتعاد عن التقبيل بالمطلق أقرب إلى السلامة ]
[ إذا سلم الأب على إبنته أو قبلها أو ضمها ربما وسوس له الشيطان ببعض الأمور ، لذلك يجب على البنت أن لا تخلوا مع أبيها و الأحرص أن تكون الأم موجودة ]
[ إن الطفلة ذو السنتين يجب عليها أن تلبس الحجاب -إن كانت فتنة- و إن لم تكن فتنة فعندما تصبح –مُشتهاة- في الخامسة أو السابعة من العمر وجب على أهلها إلزامها بالحجاب ]

و الكثير يخرج من ثقافتنا الدينية يُثير غثيان العالم و إشمئزازه .

تلك عينات فقط للدلالة على أن أخلاقنا فعلاً سقطت أثناء حفاظنا على الفضيلة ، عينة على أن الفضيلة فعلاً قد فجرت بسبب صحبتهم لها .

-----

ماذا فعلت بنا ألاف الخطب و المواعظ و المطويات و الأشرطة الدينية و الكتيبات .. ألاف المخيمات و المراكز و الحملات التوعوية .. توعية و دعوة و نُصح و إرشاد ، في كل شارع رئيسي و شارع فرعي و مدرسة و مستوصف و بيت ؟!
الحقيقة أن كل ذلك الكم الهائل الذي حمله الخطاب الديني ليُخوِف الأخرين من الشهوة و المحارم و النساء و المُردان ، كان أثره عكسي ، بدلالة أن ما حققه الخطاب الديني على أرض الواقع يُعتبر تدهور أخلاقي بكل المقاييس .
للتوضيح : إن عملية تخويف المجتمع من الشهوة جعلت المجتمع يفكر فيها فعلاً ! .. فعندما يردد الخطاب الديني كل يوم و كل لحظة أن إختلاء الأخ بأخته – على سبيل المثال- سيُؤجج الشهوة فهذا لا يـُقوم العلاقة بينهما إنما سيـُنبههما إلى إمكانية إدخال الشهوة في علاقتهما 
كمثال أخر .. إن الوعظ الديني الذي يصرخ كل يوم بأن قيادة المرأة للسيارة ستجعلها عرضة لنهش الذئاب البشرية ، هو في الحقيقة يُنبه الشباب ويُهيئه لكي ينتهك عِرضها عند أول منعطف .
و لو أردنا أن نُراجع حالة المجتمع مراجعة شاملة منصفة سنجد أننا الآن قد بدأنا نشهد فعلياً طلوع قرن الشيطان علينا .

فالخطاب الديني هنا لا يركز على النواحي التربوية و الروحانية و تعزيز الإرتداع عن المعصية بوازع ذاتي من الفرد ، إنما تركيزه فقط ينصب على تنفير الناس من المعاصي عن طريق الترهيب و التخويف و التحذير ، بلغة جافة كلها صراخ و تهويل .. خطاب يُذكي النواحي السلبية في الإنسان بل و يُحفِزه عليها .

خطاب لا يفقه إلا التصنيف " هذا حلال و ذلك حرام " ثم يُضيِق دائرة الحلال قدر الإمكان - سداً للذرائع - ، في المقابل لم يملك أي منهج يساعد الإنسان على أن يبني ذاته روحياً و فكرياً .

خطاب رسم للمجتمع صورة واضحة عن الإسلام ، بأنه حبلاً رفيع إن سار عليه المرء فيجب أن يعيش في حذر شديد مخافة أن تزل به قدمه فيهوى في نار جهنم سبعون خريفاً ، فأصبح الإنسان يسير على هذا الحبل " الإسلام " وهو مرعوباً من الأشواك التي تُحيط به من كل إتجاه ، غير مطمئناً أبداً إلى أنه سيصل من الأساس مهما أخلص ! .

خطاب جعل من التدين سبيلاً للتكسب و المكانة و الرفعة ، لذلك يحث على أن يلتزم المرء في الظاهر بالإسلام ، ثم له كامل الحرية أن يكون بهيمة لكن في الخفاء !

بعد كل ذلك نتسائل : لماذا وصلنا إلى الحال الذي وصلنا إليه ؟



الخلاصة : أننا يجب أن ندق ناقوس الخطر ، فالمجتمع إن سار على هذا النهج ، النهج الذي يُخوف و يُرهب و يُحذر من الشهوات و المعاصي دون أن يقدم حلولاً ، و يّذكيها و يُنبه الناس إلى وجود تلك السقطات الأخلاقية بل و يحث اللاوعي فيهم على إرتكابها .
هذا المجتمع سينفجر حتماً ، لكنه لن ينفجر للخارج إنما للداخل ، سيمزق بعضه بعضاً بأخلاقيات مضروبة .

و الآن إتجهت بوصلتهم الرديئة إلى التحذير من العلاقات داخل العائلة !! فمن غير الشيطان يهمه أن تتشوه معالم العلاقة بين العائلة الواحدة ! فتخاف الأخت من أخيها و من أبيها و تخاف الأم من إبنها .


السؤال : هل إتضحت الآن ملامح " قرن الشيطان " ؟
حسناً .. إن لم يكن " التشدد و التبعية العمياء " هما قرن الشيطان ، فما هو إذاً !

0 التعليقات :

إرسال تعليق