حَلِلْ الخَمرْ أولاً ثم إسقني


في بلاد المؤمنين : حتى الهمس من المحرمات ، لأن الله دائماً متهيء للعقاب !
يُصر المؤمن في بلادي أن يصف الله بالغضوب الجبار ذو الإنتقام الشديد الذي يُلاحق المخطيء من زقاق لزقاق حتى ينتقم منه و يثأر ! .. متناسياً أن من ضمن صفات الله أنه ( الغفور الرحيم ) .
في بلاد المؤمنين : أن يدعي المرء الألوهية أهون من المطالبة بالحقوق ، و السبب في الحقيقة مُقنع جداً :
أنه لا تجوز معصية الحاكم ، و طالما المطالبة بالحقوق تُغضِبه فهي معصية ، لأنها إن لم تكن معصية لما غضب من الأساس ، و طالما هي معصية إذاً الله سيغضب هنا و يُهلِِك العاصي بسّقر ! ، بينما لو أن أحد المواطنون إدعى الألوهية فلن يغضب إلا الله و الحاكم لن يهتم .. و بهذا يكون إدعاء الألوهية أهون .
في بلاد المؤمنين : يُعرف ( ولي الأمر ) أنه : كل شخص استلم منصبً ، إبتداءً بالأب و إنتهاءً بالحاكم الفرد ، و ما بينهما مليون ولي أمر يجلدون ظهور العامة كل يوم " صباح مساء " ، و ليس أمامهم إلا الرضى لأن مجرد الشكوى تُغضب الله من فوق سبع سموات بذنب أن الشاكي يعترض هنا !
في بلاد المؤمنين : قد جرى عقد النكاح بين السياسة و الدين بميثاقٍ غليظ ، لذلك من سابع المستحيلات أن يجري الطلاق بينهما و إن كان الثمن كل الشعب .. لهذا نجد رجل الدين يُحرم المظاهرات ،  و رجل السياسة يمنع مناقشة العلماء .
في بلاد المؤمنين : السياسة تدار بالهمس و في الغرف المغلقة ، لأن المجتمع دائماً جاهل و الأفضل له أن يُغيب ، و أن لا يقرر مصيره ، و أن يكون غده في حكم الغيب فهل يجوز إستشفاف الغيب ؟ 
إن أي مشاركة في القرار هنا هي من كبائر الذنوب !
في بلاد المؤمنين : المال ليس للمجتمع إنما للقيمين عليه ، المتحكمين بأمره .. إن شائوا أعطوا الشعب و إن شائوا منعوه .. وليس أمام المجتمع إلا تقديم أسمى آيات الشكر و العرفان على اللمم الذي يُقذف به إليهم من على موائد الأغنياء .
إن الوطن العربي يا سادة ليس أكثر من مزرعة ، المواطن فيها مملوك و مالك ، المملوك خادم و المالك هو ظل الله في الأرض .. لهذا فمن الطبيعي جداً أن الله لن يلتفت إلى المواطن عند تقسيم الأرزاق إلا كصدقات يتبرع بها الأغنياء على عموم الشعب .
لهذا أيضاً يكون المواطن أمام فِعل الصدقة في محل مفعولاً به لا فاعل !
في بلاد المؤمنين: ( العدل ، الحرية ، المساواة ) شعارات شيطانية قد ذكرها القرآن الكريم من باب التحذير {لأغوينهم أجمعين} ، بمعنى أن الشيطان يغوي الإنسان بشعارات ظاهرها الجمال و باطنها الكفر و العياذ بالله
العدل : أن يسكن المترفين في قصوراً فارهة ، و ليس للمواطن حتى بيت شعر يأويه ، فمعاليه قد إعتاد على أن يكون له في كل شارعٍ قصر و مماليك .. من الظلم أن يستغني سعادته عن جزء من رفاهياته من أجل توفير أدنى حقوق المواطن .
الحرية : هي شيء خبيث ، فعن طريقها من الممكن أن تتحول لحوم العلماء المسمومة إلى لحومً منزوعة السم ، و أن يقول المواطن ما شاء في حق من أخطأ حينها سيعم الخراب الأرض .
المساواة : معنى إذا ما طـُبِق صدقاً فسيشعر المترفين بالقهر ، شعوراً مرده إلى عدم إستساغة رؤيتهم لذواتهم كبشر .
----------   ----------   ----------   ----------
قال لي وهو مخمور : أذكر لي أبرز الأخلاق في بلاد المؤمنين ؟
قلت : ( الكرم ، العفو عند المقدرة ، الضيافة ، الشجاعة ، الإقدام ، الوعي ، النباهة ، الفهلوة ) .. و كمثال فقط فنحن نعلم كيف ستبدأ المؤامرات و إلى أين ستنتهي ، قبل أن تخطر في عقول من يخططون لها ! 
قال و قد صحى من سكرته : هل أنت غبي ! ، لعنة الله عليك وعلى كل أنواع التدليس ... إنك و قومك لستم سوى أقزامً منافقون ، نصفكم يحيى على المظاهر ، و النصف الآخر بمعية الشيطان يحيى .
اسمع مني و أنا الذي قد غيب عقله الخمر : إن الله ليس أداة في أيدي قومك ، فهو لا و لن يرضى أن يُذكر إسمه في بلاد من العار أن تلتصق بالإسلام .. لم يعد عندكم من خلق إلا خُلقً وحيده حقير مبداؤه ( نفسي نفسي و من خلفي الطوفان ) الكل يتآمر على الكل ، و القوي يأكل الضعيف ، و القانون لا يحمي المغفلين و دائماً مغفليكم  الجميع ما عدا المترفين !
إن قانونكم الذي لا يحمي المغفلين ، كثيراً ما تنازل إن كان المغفل من المترفين ، لهذا عندما يتعرض المواطن الحقير مسبقاً للسرقة فلن يجد من الأمن إلا تعنيفاً له بعبارة ( الحرص واجب يا غبي ) .. بينما لو أن الذي تعرض للسرقة مُغفل من المترفين فوراً ستتحرك كتائب الأمن لإلقاء القبض على أول مغفل في الطريق و سيُقِر بالذنب عن طيب خاطر .
هذه ملامح بلاد المؤمنين !
----------   ----------   ----------   ----------
في بلاد المؤمنين: نوعين من الكائنات لا ثالث لهما ، ليس بينهما إنسان . 
في بلاد المؤمنين: يتم إفتتاح مستشفى أو بناء جامعة بحفلاً بهيج تتناقله الصحف كأنه نصراً من الحكومة رشيد ، و بعد إنتهاء الحفل تتحول المستشفى إلى دار عزاء و الجامعة إلى منار جهل ثم يُلقى باللوم على ذنوب المواطنين! 
في بلاد المؤمنين: الله و السلطان و جهان لعملة واحدة ، و الشيطان يضحك من قريب . 
في بلاد المؤمنين: يُقسمون لك بالله أن كل القضاة من أهل الجنة ، و لا أحد يعلم من أين سيخرج قاضيا النار. 
في بلاد المؤمنين: العدل و الحرية و المساواة شعارات تذهب بمعتنقها إلى جهنم كمستقر ، بعد أن يُعدم بالخنق و الإغتصاب .
----------   ----------   ----------   ----------
قاطعني صاحبي و هو يسأل : ما هذا الذي في يدك ! ، ما نوع الخمر الذي تشربه ؟
قلت : قد أصبح الكأس في دمي و من دمي ، أرتشفه طلباً لنسيان همي ، فهذا الوطن ليس وطني الذي أعرفه ، الله فيه يُناصر المُستبد ، و العدل من الغباء .. فلا تسألني ماذا أشرب إنما اسألني تشرب نُخب من ؟ 
قال : نُخب من إذاً ؟
قلت : نُخب التعاسة ، كشعار عُلِق على مداخل الوطن .. نُخب الظُلم الذي سرى كالطوفان على هذه الأرض ، نُخب كل من تبحث لها عن عمل فتُتهم بأنها عاهرة . 
قال مُشفقاً : يبدوا لي أن قلبك متعلقاً بالإيمان ، فهلّا حللت الخمر أولاً قبل أن ترتشف ؟
قلت مستغرباً : أيُ خمر ! ، إن ما بين يدي ليس أكثر من كوب ماء ، فأنا لا أحتاج لكي أسكر إلى أكثر من كأس ماء .. معاذ الله أن أسكر بالحرام و أنا الذي يُسكِر عقله كل يوم أولاد الحرام .

---

من الخليج إلى المُحيط

ثقافة العرب واحدة .. إلى الحضيض حتى  إشعاراً أخر

0 التعليقات :

إرسال تعليق