ان يغير هذا الوطن من وجهته التي
يسير إليها ، أو أن يُبطيء خُطاه المتسارعة والثابته إلى التِّيه .. هناك ستتشابه
الأشياء ويختلط السواد بالبيّاض ، وسيُحارَب الإسلام بالإسلام ، ودعاة التنوير
سينحتون ملامح التحضر على الأصنام .
سيتبراء الوالد من ولده إن لم يُحيي
ثارات الأجداد ، وستتسم الخصومة بالفجور لأن الحديث حينها سيغدوا كالصراخ ، والهمس
سيصدر كالنِباح .. وسيُتقِن الجميع زرع الجراح .
إن وصلنا إلى التِّيه فلن نجد هناك
إلا الفوضى .. وإرتكاب كل الرذائل في الفوضى مُباح .
***
لماذا لا أحد هنا يُجِيب على ألاف
الأسئلة الحائرات .. رغم كثرة الأفواه التي لا تصمت في أي محفل ؟
هل الناس تتأمل أم تتمنى ، أم هي
واهمة لا مُنتظرة .. وصول الوطن إلى بّرِ الآمان ؟
هل برُ الآمان حقيقة أم مجرد سراب ،
نحسبه ماءً لشِدة الظمأ ؟
هل الوطن يسير في الإتجاه الخطأ ؟ ..
أم هذا هو إتجاهه الصحيح منذ أن بدأ المسير ؟
هل نحن نخاف من التحضر والإنفتاح
حِرصاً على صفاء العقيدة ، أم نحن ندعي الفضيلة لنستر بها جهلنا بالتحضر ؟
هل هنالك من يدري ؟ .. أم لا أحد
يدري !
***
الإعلام وكل يوم يعرض أمامنا نماذجً
لا تُجيد سوى الصياح ، لماذا لم يتجرأ أحداً منهم ان يبدأ في تطبيق الحلول ؟ .. أم
لم يعد أمامنا من حل سوى إنتظار صوت الإرتطام ؟
قِّيل أن الوطن كان قد بدأ في الحبوِ
نحو الرُقي ، و أنه قد خطى خُطواته الأولى إلى التحضر فعلاً ، ثم جاءت حادثة
(جهيمان) لتبتر الساق ، ومن يومها عجِز الوطن عن إكمال المسير .. وأنه أصبح
كالكسيح !
آلا يُجيد الكسيح الزحف تشبثً في
الحياة ، أم أن إدعاء الموت كان أفضل الحلول لضمان أيُ حياة والسلام ؟
لماذا كرِه المتأسلمين ملامح التحضر
في البدايات ؟
لماذا يُعتبر التحضر عدواً للإيمان
في الأساس ؟
لماذا يتم تشويه الحياة من باب
الغِيرة على الدين ؟ .. وأيُ دين بالضبط ؟
هل لو أن الوطن حاول الزحف بعد تلك
الحادثة ليُنهي مابدأه سيضمن الإستمرار ؟ .. أم إنه بإدعاء الموت قد ضمن الحياة
فعلاً ؟
هل إحتلال الحرم كان حدثاً عّرضياً ؟
.. أم إنهُ مبدأً أصيل في ثقافة التوجس والإنغلاق ؟
هل السبب في بيئة الصحراء ! .. حيث التوجس طبع والحيطة من كل دخيل
أسلوب حياة ؟
آلا يُفسِر هذا لماذا البعض هنا يكره
الرّي و قطرات الندى ؟
ألن نفهم حينها لماذا يتم الحفاظ على
نقاء العقيدة بحف التراب في وجيه العُصاة ؟
***
لماذا يتحمل المتأسلمين أكبر الأوزار
، وكأن مُخالفِيهِم فعلاً مُتنورين ؟
ألا تتساوى فوضى التدين عندنا مع
فوضى التنوير ؟ .. إن كان الجواب بـ نعم فلماذا تتساوى الفوضى في كل الإتجاهات ؟
.. وإن كان بـ لأ فأين الإختلاف بالتحديد ؟
هل صحيح ما يُقال بأن هناك من الإسلاميين من
يُغلِّق كل الأبواب أمام المجتمع ويُشرعها للمُقربين منه ؟
وأن هناك من الليبراليين من يُشرِع
كل الأبواب أمام المجتمع ويُغلِقها أمام أقرب المقربين منه إلى أن يكرهوا الحياة ؟
هل النفاق طبعٌ أصيل في جميع الأطراف
، أم أن ثقافة الكبت لا تُنتِج إلا النفاق ؟
ما يدور بين الإسلاميين والليبراليين
، هل يُحال إلى قانون الصراع الإنساني الطبيعي رغم مرارته أم هو صراعً شيطاني
مُفتعل ؟
هل المنظومة كلها خرِّبة لا تُنتج
إلا الخراب ، أم هنالك أجزاء دون غيرها هي الفاسدة ؟
ألم نتعلم أن التفاحة الفاسدة
ستُفسِد باقي التُفاح ، أم إن كل التفاح في الصندوق فاسداً من الأساس ؟
هل الفوضى هُنا خَّلاقَة أم خَّنَاقة
؟
***
إن كان كل ما فات يُعتبر طبيعي حالنا
حال أي مجتمع
فأين الخلل ؟
هل الخلل كما يُقال في النفط الذي
جاء إلى بيئة لا تُقدِر النِعم ؟ .. أم النِفط جاءنا كبلاء ، أم البلاء في عقولنا؟
أخذنا نغرف بلا حِساب حتى أصبنا
بالتُخمة !
هل زمن الطفرة هو السبب في جعلنا
نتوهم حياة الترف ، أم نحن الذين عشنا في ترفٍ بلا ترشيد ؟
ألا يشعر الجائع بالشبَّع إن عاجلاً
أم أجلاً ؟ .. فلماذا إذاً يستمر بعض الجائعون هنا بلا شبع ؟
ألا يكفي ملياراً ليشبع اللص ؟
ولماذا نهب المال العام من الأساس ؟
.. وإلى أين تذهب كل الأموال المنهوبة ؟
لماذا لا يبني اللص مصنعاً على أقل
تقدير ؟ .. لماذا و لمن يتم التكديس ؟
هل كُنا قبل الطفرة أكثر تسامحً
وتعايشً ؟ .. إن كان الجواب بـ نعم فهل من صفات ذو الأخلاق العالية أن ينهار سريعً
عند أول إختبار ؟ .. وإن كال الجواب بـ لأ فمتى كُنا بأخلاق ؟
***
هل في كثرة المال خلل ؟
أم في الثقافة ككل ؟
أم في البيئة التي فرضت على طبائعنا
الجفاف ؟
أم في التدين بلا وعي ؟
أم في الإنفتاح على عماه ؟
***
هل المواطن يتوجس بلا معنى ؟ .. أم
أن المُحيِط من حوله مُحبِط ؟
هل المواطن يُريد أشياءً ليست من حقه
؟ .. أم أن حقوقه فوق قدرات الوطن ؟
هل ما نعيشه يُعتبر طبيعي وأن الفوضى
من طبيعة المجتمعات ؟
هل الجنة مثوانا أجمعين ؟ .. ومتى
إشترط الله بأن الجنة لا يصلها إلا من عاش حياته في جحيم ؟
هل كثرة المساجد دليلُ حِرص على
الدين ؟ .. أم هي وسيلة لإلهاء المستضعفين ؟
كيف نُثني من يرى الهجرة عن الوطن هي
الحل الوحيد ؟ .. نحن إن قلنا له هذا ليس بالحل سيُحاجج بأن معظم (النخبة) فعلاً
مُهاجرين ؟
لماذا المسئول عن الصحة إن عطس سافر
للخارج بحثً عن علاج ؟
لماذا أبناء المسئول عن التعليم
يدرسون في الخارج ؟
لماذا القادم من الخارج يُعامل بشكلٍ
أرقى ، وإبن الوطن يُعتبر كعالة ؟
هل الأجنبي أعلى شأنً أم المواطن هو
الحقير ؟
هل الوافد يأتينا طامعً في المال ،
أم هو يستغل تدهور الأوضاع لا أكثر ؟
من المُلام ؟
من الضحية ؟
من الغريم ؟
وأين الخلل ؟ .. أم أننا نتوهم فقط
فلا يوجد أي خلل ؟
***********
س: من هو ( روبرت لاسي ) ؟
ج: هو مؤرخ وكاتب سِّيّر وصحافي بريطاني ..
درس التاريخ في جامعة كامبريدج
لا يهم
الذي يهم أنه صاحب كتاب (The Kingdom )
وصاحب كتاب ( المملكة من الداخل )
تاريخ المملكة العربية السعودية من عام 1979 حتى الآن
وبعد أن إنتهى من تأليف الكتابين ،
وبعد أن إستغرق في تأليفهما جهداً في البحث و الدراسة توصل إلى نتيجة مفادها : [ إن السعودية واحدة من اكثر بلاد العالم
لغزا ]