فين أيامك يا موسوليني

  أما لماذا "موسوليني" فلكي يستقيم عنوان المقال لا أكثر، وقد كنت أنوي كتابة العنوان بـ"رحم الله زمان هتلر" أو "صدام آخر الطغاة المحترمين" .. لكن تجنباً لعدم الترحم على غير المسلمين، وتجنباً لإطلاق صفة محترم على شخصية لا يحبذها الكثيرون، رأيت أن أبني العنوان على "موسوليني". عموماً القضية ليست قضية عنوان إنما هي قراءة في صورة الاستبداد بين الأمس واليوم. مثلاً بالأمس كان المستبد فرداً يؤمن بقضية محددة، ومن أجلها يجيش الآخرين ويجندهم،...

هذا ما جناه العسكر

  عندما تتقدم راقصة للدفاع عن الوطن فلن يتحقق أي نصر مهما كانت ممشوقة القوام ورقصها بديع، وعندما يتقدم للحفاظ على أمن الوطن والمواطن مطرباً فستعم الفوضى مهما كان صوته شجياً يجلب السرور، هذا لأن أدواراً كخوض المعارك وحماية الحدود والحفاظ على الأمن ليست أدوار ومهام المطربين والمطربات أو حتى الأطباء والوزراء أو المفكرين ورجال الدين، إنها مهمة الجنود في المقام الأول ليأتي البقية كخطوط ثانوية مساندة، وفي الحقيقة لا فرق بين قيادة جيش بالطبل...

حالنا بعد تنظيم عمل الهيئة

الإنسان لا يستطيع أن يرسم لوحة على الهواء، أو أن يصنع من الماء طوب بناء، لا يستطيع أن يقبض على الظل، أو أن ينحت في الفراغ، والحديث بهذه الكيفية يُعد ضرباً من الجنون، لكن الغريب في هذا الإنسان الغير قادر على فعل أياً مما سبق، أنه قادر وبكل جدارة على بناء نظام اجتماعي متكامل على الخيال وحده!. أن يظن أولاً ويخمن ثم يبني على ظنونه تلك بضع فرضيات ويجادل حولها، وبالجدال تتحول الفرضيات شيئاً فشيئاً إلى قناعات راسخة وعقائد ثابتة لا تقبل التشكيك...

الفن رفيق الإيمان

  تبدأ الحكاية مع خوض الإنسان لرحلة الانتقال من البدائية إلى التحضر (مع التنويه أن البدائية لا تعني بالضرورة بهيمية كما يصورها التطوريون، إنما تعني إنساناً ذا بُعداً واحداً، أنه مادة لا أكثر، يعمل ويزرع ويمتلك لغة ونظاماً اجتماعياً شأنه شأن النمل والنحل، أي أن الغاية من كل أفعاله هي البقاء والحفاظ على النوع لا أكثر، فتحضر الإنسان حين تم تفعيل بعده الروحي، فبدأ حينها يبحث عما يُشبِع روحه بتزيين ما يصنع وتنظيم طرق الزرع والبحث عن المعنى...

أخلاقيات التقشف

  التقشف مُر، ثقيل على النفس، لا يستساغ، وهذه بالضبط هي صفات العلاج، وآلام العلاج وأعراضه بمثابة الضريبة التي لا بد من دفعها كي يتحقق الشفاء، ولا خيارات متعددة هنا إلا الصبر والصبر فقط، فهو أولى خطوات الشفاء، وكما قال الشاعر: إللي به العلة، على المرّ مغصوب. لكن، هل التقشف هو العلاج الصحيح دائماً، ولكل مجتمع يعاني؟ وإن تم فرض هذا العلاج المُر، ألا توجد طرق للتخفيف من مرارته؟ وهل يصح أن يصرف الطبيب علاجاً لمريض دون أن يكشف عليه؟ بصيغة...

ستتولى أمرها

إغلاق الباب في وجه كل جدال بعبارة "لا يجوز" هو فعل لا يجوز، فأمور الناس ستظل بين أخذ ورد، سيخطب الخطباء ليرد الكتاب، وسيفتي الفقهاء ليحاجهم المفكرون، فإذا اتفق الجميع على رأي واحد من بعد عناء، سريعاً سيكبر الأبناء ليعيدوا الشريط من بدايته، وحججهم التي لن تتغير أبداً أن اليوم ليس هو الأمس، وما كان يصلح للآباء سيعافه الأبناء، فإن أجمع السلف فذاك اجتهاد يتم البناء عليه لا الاكتفاء به، وآراء السابقين هي محل استئناس لا تشريع، وما قيل له التقدير...

تشوهات قصص الصحوة

هذا شاب مات وهو يستمع لأغنية (نار يا حبيبي نار) فغسلوه وكفنوه وحين أرادوا دفنه كانت المفاجأة التي صدمت الجميع أن (الشجاع الأقرع) لم يكن ينتظر في القبر، كما أكد الحكواتي وأقسم مراراً وتكراراً ! هذه فتاة كانت تمسك بالريموت وتقلب بين القنوات ثم ماتت على هذه الحال إلا أن ما أربك الحضور وأصابهم بالحيرة أن الريموت لم يلتصق بيدها، كما هو متوقع ! هذا مراهق فاسق تعرف على فتاة وواعدها، وفي مكان اللقاء كانت صدمته بالغة حين لم يجد أخته بصحبة...

ماذا لو مات على الشك

للإفتاء والنطق بالحكم؛ أهله، ولعامة الناس طرح الأسئلة حول كل أمر فيه إشكال عليهم، وما السؤال الذي يتم طرحه إلا دليلاً على فضول لم يتم ريه بعد، وحاجة للمعرفة لم تستكن، وإشكالية لم يحسم أمرها، بل أظن أن معظم الإشكاليات عموما، والدينية منها تحديدا، لن تحسم أبدا لتبقى محل أخذٍ ورد إلى أن يشاء الله، هذا يدلي برأياً يراه صوابا وذلك يدلي برأياً مختلف تماما ويراه أيضا صوابا، وآخرون لا عمل لهم إلا التشكيك في كل الآراء، ليستمر الجدل الذي تتجلى أعظم...

الشعوذة اللغوية العصبية

  يمكن اعتبار الأسواق التي لا توجد بها أي سلع، أنها أنشط الأسواق في المجتمعات العربية، فالطلب في المجتمع العربي – حرفياً - يكون كبيراً جداً على "لا شيء" وبما أن الطلب مرتفع على "لا شيء" فمن السهل أن يقوم الباعة بتوفيره للزبائن بدرجة تفيض عن الحاجة، وعلى عكس ما هو متعارف عليه في علم الاقتصاد فإن ارتفاع العرض في هذا النوع من الأسواق يصاحبه ارتفاع في الأسعار للدرجة التي تجعل البائع يصل للثراء السريع ويأخذ بالمستهلك إلى الديون والفقر، مع هذا...