مقدمة ،،،
------------------------------------------------------------------------------------
إن القطيع حتماً ستحرسه كلاب
.
وقانون الغاب من سكتبه سوى البهائم .
وإختفاء العدل يعني إستئساد الكلاب ، و هروب السباع .
وفي الغاب .. الإختباء حـِكمة ، و
بناء الأسوار أمن ، والخوف أسلوب حياة .
---
في غابة الأسوار من يتقدم لحماية الأسوار إلا الكلاب ؟
وفيها حتماً
سيكون الحاكم بلا حـُكم إلا توكيل الأمر للضباع ، ليتفرغ هو لبناء الأسوار
حوله و حول ضباعه ، ثم يوكل أمر الحراسة لكلابً تحرسه بكثرة النباح .
في غابة الأسوار لا شيء سوى الأسوار .. حول الإناث أسوار ، حول الأرزاق أسوار ، حول العدل أسوار ، حول اللصوص أسوار ..
والحرية تقبع في مركز تلك الأسوار !
إن كل شيء في غابة الأسوار ، خلف أسوار
.. إلا الفضيلة يحق لمن شاء أن يغتصبها وقتما شاء حفاظاً عليها !
لنبداء الحكاية ،،،
يُحكى أنه في قديم الزمان قد تولى أمر الغابة " جرذ " ، فأصدر قراره الأول ببناء ألاف الأسور ، وأن تحرس الأسوار
ألاف الكلاب .. وبعد الإنتهاء كتب على مداخل الغابة ( الآن إستقر الأمر .. وإستتب
الأمن ) .... كانت هذه هي خطته لحِفظ مـُلكه .
الجدير بالذكر أن كلابه لم تكن من نفس
النوع فكل كلباً لم يكن يشبه الأخر في شيء إلا في الطاعة العمياء و الغباء .. ليس بينهم
كلباً أشرس من كلب فكل كلب كان في مجاله هو الأشرس .
بعض الكلاب لها ألسنة ضخمة و أصواتها مرتفعة
، إستخدمها الجرذ للنباح في وجيه القطيع " مدحاً و ثناءً و أبيات نثر و شعر
" حتى يخضع القطيع عن قناعة .
بعض الكلاب لها رؤوسً ضخمة أشكالها
أنيقة ، إستخدمها لتشويه ملامح ثقافة القطيع .
بعض الكلاب أجسادها رشيقة و عقولها
صغيرة ، كان دورها حمل الأسلحة في وجه القطيع و إغمادها عند ملاقاة الأعداء من خارج الغابة !
بعض الكلاب ضخمة كالبغال ولها رؤوسً
صغيرة ، إستخدمها الوالي لحراسة الفضيلة عن طريق وأد العـُصاة .
هذه بإختصار قصة غابة الأسوار .
---------- ---------
في يوم من الأيام خرج الشيطان
هائماً يجول الأرض ، مهموماً بهم محاربة الخير ، فقد مارس كل الحيل لديه ولم تتبقى بين
يديه حيلة يسوق بها الناس إليه و يبعدهم عن الرحمن .
ثم شاءت الأقدار أن يمر في طريقه
على هذه الغابة ، فتعجب من شـِدة القمع و تعجب من هذه الأسوار ، فرفع رأسه مبتسماً
" ربي إني تلميذاً عند هؤلاء " .
أخذ يردد في نفسه : إن حلمي الأزلي
أن أسوق البشر إلى الكفر بالله ، وقد مارست كل الحيل في هذا السبيل حتى أصبحت حيلي
كلها مكشوفة ولم تعد تغوي حتى العصاة .. أوسوس في أذن هذا و أفرق ذلك عن زوجته ! أسلوباً
مـُرهق لا يغوي إلا الفرد و أنا همي أن أغوي الجميع .
فشكراً يا الله أنك هديتني إلى طريق
هؤلاء ، فلن تـُـغوى الجموع إلا بالقمع ولن يستسيغ الناس مرارة القمع إلا إن إقتنعوا بأن
الغاية منه طاعة الله !
عاش الشيطان في غابة الأسوار زمناً
، تعلم من خلالها أسس الغواية ، وبعدما رحل عنها قرر أن يدون ما تعلمه لكي لا
ينحرف عن النهج القويم .. فكتب :
إن أقوى حيلة لقيادة الناس إلى
الكفر هي أن أقنعهم بتقبل القمع والإضطهاد ، و لن يتقبل الناس هذه الأشياء إلا إن
كان الهدف منها حماية الدين ، فالناس مفطورون على حب الله و هذا مدخلي إليهم .
سأنشر كذباتي في كل مكان بأن
الإيمان في خطر عظيم ، و أن الأعداء به متربصين ، و المسألة مسألة وقت حتى ينتشر
الكفر و تعم الرذيلة في الأرض ، هنا إن إقتنعوا بهذا الإدعاء سأظهر لهم في
دور الناصح الأمين .
* لم يعد المجال مجال تهاون فالدين
في خطر ، وطالما هو في خطر فلا مانع من أن تستخدموا العنف و القوة كأدوات للحافظ على الدين
.
- لم يعد المجال يسمح بالتهاون مع
العصاة ويجب أن يتكفل البعض بمسألة تتبع الناس و التجسس وتضييق الخناق عليهم وإلا ضاع الدين .
- نظراً لتربص أعداء الدين يجب
أولاً أن يـُقمع المذنبين من المؤمنين و يـُحاسب الخطائيين أشد الحساب ، ولا مانع
من إستخدام الترهيب و التخوين فهذا أهون من إستئثار الأعداء بالنصر فينتصر الشيطان
!
- يجب أن يقتنع الناس بأن الغاية اليوم
تـُبرر الوسيلة ، وطالما الفضيلة في خطر محدق فلا مانع من الإستبداد للحفاظ عليها
في حال دعى الأمر ودائماً سيدعوا الأمر .
أكمل الشيطان :
إن بدأت بهذه الخطوات ، حينها فقط سيكمل
الأغبياء عملي و سينتشر نهجي دونما تعب ، ولن أحتاج بعدها لكثير وسوسة لأن الناس ستتكفل
بوأد بعضها البعض .
ولن يتسائل منهم أحداً " ماذا نحن
فاعلون ؟ " لن يتسائلوا لأنهم سيقتنعون بأنهم فعلاً يقومون بهذا من أجل الخير
، فالجميع يـُحب الله و طالما حب الله في قلوبهم ولن يتزحزح فسأتركه في مكانه بملامح مشوهه .
إنتهى الشيطان من تدوين ما تعلمه في
غابة الأسوار ، وقرر أن ينتشر هذا النهج على بني الإنسان .
ثم ضحك و قال " آن لي أن أمد قدمي الأن " و أشاهد
مستمتعاً ، كيف يتقاتل الناس على المظاهر حفاظاً على الخير ، كيف يستبد المؤمن منهم
حباً في الله فيكون إستبداداً خير سبيل لنشر نهجي ، دون أن أتحمل عناء .
------------------------------------------------------------------------------------
على الهامش
لو أن أحداً يمنحني
الأمان
لو كنت أستطيع
أن أقابل السلطان
لقلت له : يا سيدي
كلابك المفترسات مزقت ردائي فهم دائماً ورائي فقط لأنني إقتربت من أسوارك الصماء
! وحينما حاولت أن أكشف عن حزني لهم ضُـربت بالحذاء .
يا سيدي : إن شعبك
شعباً ليس له لسان ، إن كلابك زرعت أفكاراً ستقودنا للهزيمة ، وأنك تحتمي بمن لا
يمتلك سوى عنتريات الخطابة تلك التي لن تهزم بها ذبابة ، وأن كلابك التي تجربت ليس لها إلا صراخً أضخم من
صوتها وسيفُ أطول من قامتها .
خلاصة القول يا
سيدي : أننا دخلنا القرن الواحد والعشرين بروح الجاهلية ، وكل القوافل من حولنا تسير
إلى الأمام ولا تلتفت إلى نبح الكلاب .. إلا قافلتنا فهي لا تسير إلا بنبح الكلاب
.
0 التعليقات :
إرسال تعليق