أيها العقل الشيعي.. من رآك؟


في فترة من فترات الحرب العراقية الإيرانية، حاولت القوات الإيرانية أن تخترق خطوط الدفاع العراقية المكونة من حقول ألغام شاسعة إلا أنها لم تنجح، فلجأت حينها إلى جمع كل الحمير والبغال والبهائم المتوفرة في أراضيها، ثم أطلقتها باتجاه الألغام، إلا أن هذه الخطة فشلت أيضا، فلجأت بعدها إلى ما عُرِف فيما بعد بـ"الموجات البشرية".

والموجات البشرية .. عملية تم خلالها حشد آلاف البسطاء من الشيعة الذين تتراوح أعمارهم بين التاسعة عشرة حتى الخمسين، لضمهم إلى قوات إيران بهدف كسح الألغام بأجسادهم !، كانت
مهمتهم ببساطة أن يقوموا بالمرور فوق الألغام لتنفجر فيهم ومن ثم يأتي جند إيران المحترفين ليعبروا فوق هذه الجثث للوصول إلى المواقع العراقية المستهدفة.

فكانت النتيجة أن التاريخ شهد أكبر عملية انتحارية
وإن مما ساعد على ارتفاع عدد الضحايا، أن المتطوعين الذين كان أغلبهم من الأطفال والشيوخ لم يتلقوا أي تدريب، غير أن السبب الأهم تمثل في أن النظام الإيراني وقتها لم يحرك دفاعه الجوي لتأمين هذه الموجات البشرية التي جاءت طواعية لتموت فداءه بلا ثمن.

لقد استخدم النظام الإيراني في هذه الاستراتيجية كل خطاب ديني طائفي تحريضي توفر لديه، لحث الشيعة على الانضمام إلى صفوف جيشه، لا كدفعة واحدة فقط إنما كموجات بشرية متتالية.
لقد أغرى السياسي الصفوي حينها عوام الشيعة بالجنة والنعيم، أغراهم بنصرة الحسن والحسين، أعاد أمامهم إحياء أحقاد الماضي حتى يضمن لنفسه خط إمداد بشري مجاني لا ينقطع.
أراد لنفسه متطوعين موالين يقبلون أن تكون أجسادهم وصلة عبور للجندي الإيراني.

وبينما كان بسطاء الشيعة في تلك الفترة يقدمون أغلى ما يملكون "أرواحهم وأجسادهم" طواعية وبالمجان، كان معممو إيران يتربعون مسترخين في بيوتهم وحوزاتهم، يجمعون المال من كل مكان لتحويله إلى بنوك أوروبا !

**

إن الغرض من الحديث عن استراتيجية "الموجات البشرية" هو القول :
أن إيران لا تزال كما هي ولم تتغير قط.
أنها لا تزال حتى اليوم تعتمد على نفس الاستراتيجية غير الإنسانية، ولماذا في الأساس تحتاج إلى تغيير استراتيجيتها طالما ما زال لديها مخزونها الضخم من الأغبياء ؟
أنها لا تزال تعتمد على نفس الخطاب الديني الطائفي التحريضي لحث الموالين وتجييشهم حتى يخوضوا حروبها بالنيابة، والمؤسف أننا نجد في الشيعة من لا يزال يصدق هذا الخطاب الصفوي الحاقد حتى بعد أن تعرى إنسانيا وأخلاقيا !
ما زلنا نراهم يتدفقون إلى إيران في شكل موجات بشرية متتالية، سامحين لأجسادهم أن تكون مجرد حلقة وصل بين طرفي الهلال الفارسي.
**

فـــ يا أيها العقل الشيعي، من رآك؟!
ما الذي جعلك أداة لتحقيق أطماع الفرس؟!
ما الذي جعلك تنهار لتقدس كل معمم ودجال ؟
لقد أقدم ملالي إيران على اغتيال "علي شريعتي" وكل مفكر شيعي حر حتى لا تنتشر دعواهم بين العوام، حتى يظل العقل الشيعي مغيبا لا يدرك كيف ومتى ولماذا تغلغل السرطان الصفوي داخل العقلية الشيعية إلى أن جعلها عقلية خارج نطاق التغطية تماماً.

إن ما يجعل إيران تنجح دائما في حشد الشيعة كمجموعات بشرية تؤدي عنها كل الأدوار، هو تمسكها بنشر تشيع ضد التشيع، تشيع ضد الإنسانية والأخلاق، تشيع قائم على إذكاء الجهل واستغفال العقل، تشيع يسوق الأتباع إلى الضلالات والانحراف ثم يصور لهم أن كل هذا الضلال تعبداً لله.

**

إن المعركة كلها حول العقل، من ينجح في تغييب هذا العقل سيتسيد المشهد.
من يستغفل العقل ويستغبيه سيضمن لنفسه بشرا مطابقين للمواصفات والمقاييس.
وقد نجحت إيران في خنق العقل الشيعي -إلا من رحم الله- لدرجة جعلت الكثيرون من مفكري الشيعة ومثقفيهم يستأسدون في نقد الكهنوت والتطرف أينما وجدوه ثم ينوخون ويربضون أمام همجية كهنة إيران.
بل وترى من مثقفي الشيعة من لا عمل له إلا عرض المسوغات والمبررات الثقافية والفكرية لكي يُقنِع كل من لم تُقنِعه خطب المعممين التحريضية، بالتبعية والانصياع.

**

أخي الشيعي، هذا ليس بالحديث الطائفي، فإني أقول في فوضى المذهب السني أسوأ مما قيل هنا.
المشكلة ليست في تشيعك. أنت حر وهذا حقك الخالص.
المشكلة في هذا التشيع الذي نجح في تغييب العقلاء من الشيعة "بالاغتيال، السجن، الاضطهاد، والترهيب..إلخ"، ثم جاء بمرتزقة يجيزون حمل الأميركي فوق الأعناق ليدمر بلدك العراق، مرتزقة يصدرون الفتاوي لمباركة قتل أخيك الإنسان في سورية، مرتزقة يدعمون الحوثي ليعمم الخراب على كل بلاد أنت أحد أبنائها.

لقد أشغلوك باللطم والنواح.
أشغلوك بالماضي والأحقاد الدفينة.
أحاطوك بكل شيء من شأنه أن يُلهيك حتى عن نفسك.
جعلوك تعتقد أن كل دورك في الحاضر هو أن تستمع إليهم دون أن تعي شيئا مما يُقال،
وإن مما يُقال:
أن الملائكة كلها تشيعت.
أن الحيوانات أيضا تشيعت إلا البومة.
أن للإمام قدرة على النظر إلى الوراء في نفس الوقت الذي ينظر فيه إلى الأمام!.
إنهم حين ملأوا عقلك بكل ما لا قيمة له نجحوا في حيازتك.

وقد صدق علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- حين سأل ربه: ربي، من أعطيته العقل فماذا حرمته؟ ربي، من حرمته العقل فماذا أعطيته؟

0 التعليقات :

إرسال تعليق