مواطن منزوع الدسم

إن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، وكلنا خـُرس لأن الناطق به سيـُحبس ، وإدعاءات النضال باطله في ثقافة تـُمجد الإنبطاح .
لذلك يمضي المواطن طريقه في الحياة بلا أي حس ، يصم أذانه حتى عن الهمس ، ينام ليستيقظ ثم يستيقظ ليبحث عن الرزق ، فلا يأتيه إلا بعد أن حط في يد ألف فاسد فيأتيه مـُدنس .
مواطن لا ينشغل بسياسة ولا بإقتصاد أو تجارة ، ولا تهمة ليبرالية أو سلفية ، فهمه أن يعيش يومه حتى يأتيه الأجل ، ينام ليستيقظ ثم يستيقظ للدوام فيعود لينام " كحمار الساقية " .
يـُمازح زوجته بأحاديث تاقهة فيضحك وحده وتـُجامله الزوجة لكي يستأنس .. يأخذ بعدها بنصح أبنائه عن وجوب الطاعة العمياء لولي الأمر و الوزراء و الأمراء ، و شرطي المرور و موظف البلدية ! ، يـُخبرهم كيف أنه في صغره كانت الحياة أجمل حين كان الجميع لاصقاً في الحيط من الحذر ، أما الأن فقد تدافع الناس إلى الولوج داخل الحيط بحثاً عن الآمن !

المواطن : هو الشخص الذي يطرق باب كل مسئول ليستجدي حقه ، و عندما يـُسئل من الطارق ؟ يـُجيب : لا أدري فقد أخبروني أنني لا أحد !
هذا المواطن يعتبر الوطن شيئاً كبير ، فالوطن أعطاه مكاناً ليـُولد فيه ثم أعطاه الجنسية ، ومن يومها و فواتير الولادة و رسوم الجنسية تـُلاحقه ، ثم أضاف عليها الوطن فواتير الماء و الكهرباء و قسائم المرور ، كأن الوطن يـُعاقبه أن ولد في ترابه !

إن الوطن بالنسبة للمواطن منزوع الدسم ليس إلا مكان جباية ، فهو يعيش فيه جائعاً مديوناً مستأجراً ، و وطنه الذي حباه الله بالخير الجزيل مازال يطمع بما في جيبه وإن تطلب الأمر أن يـُسلخ و سيـُسلخ لأنه يعيش في دار جباية سـُميت زوراً بالوطن .

نتسائل : لماذا رأس المواطن دائماً في أرضه مـُنكس ؟
وننسى قبل أن نسأل أن الوطن لم يعد له إنما للوافد و للفاسد و للمترفين ، كيف لا يشعر بالغربة و هو يرى الوافد يتقلد أعلى المناصب و يعطى الصلاحيات الكاملة بأن يـُحاسبة أو يفصله عن العمل بشخطة قلم !
وإن صاح " أين حقي " هرول كبار المثقفين يشرحون خطورة المطالبة بالحقوق طالما الأمن مستتب ! ، ولحقهم كـِبار دجاجلة الدين بالإستنكار و التحريم كيف أن في المطالبة بالحقوق فـِسق و إعتراض على قدر الله ، وهذا من أبواب الكـُفر ! .
كأن الله قد قدر عليه الخنوع .

----------   ----------

قد أخبروه أن حرية الرأي بدعة .
وأكدوا عليه أن المفسدين سيـُحاكمون حتماً في الأخرة .
وأن الهدف من " ساهر " هو حماية روحه الغالية ، لماذا يهتم الوطن بروحاً هالكة ؟
أخبروه أن الإحتفال باليوم الوطني من السـُنة ، و أنه ليس في طاعة المسئول وإن أمروا بالشرك أي ذنب !
أخبروه بأشياءً كثيرة ، وكلما أخبروه بأمراً رد بـ " سم " و اللهم لا إعتراض لكنهم لم يقتنعوا بهذا الجواب المـُلغم ، فنزعوا عنه كل الدسم .
ثم أمروه أن يـُدافع عن وطنه ضد أطماع الفـُرس ، و عليه أن يكون شديداً في صد هجوم الروم ! ونسوا أن جوعه يمنعه من حمل سكين مطبخ !


بإختصار ،،،
أحد تعريفات الثورة أنها محاولة الشعب أن يخرج من عُنق الزجاجة ، غير أن هذا الوطن ليس للزجاجته عنق إنما هو هو قمع مـُحكم الإغلاق لا إنفكاك منه إلا بإنفجار ، وسينفجر أو يستمر في الحياة كحمار الساقية .

0 التعليقات :

إرسال تعليق