من سرق الإبتسامة ؟



المجتمع يشهد إنتشار ظاهرة خطيرة قد تفشت فيه حتى أصبحت طبع قد تطبع به أغلب أفراد المجتمع ، وهي أنها لم يعد في الوطن جمال ! بالتالي لم يعد هنالك ما يستدعي الإبتسام .
فهل إختفاء الإبتسامة أو تلاشي الجمال عن ملامح الوطن هي المشكلة أم إنها نتيجة لمشاكلنا ؟
وهل الحل أن نبتسم كالبلهاء " كما نشهد اليوم " أم نبحث في الأسباب ؟
في الحقيقة أنا لا أريد أن أكون متشائماً هكذا فقط ، لا أحب أن أنقل صورة سوداوية عن الواقع الذي أشاهده قد تلحف بالسواد ، لا أريد أن أئن فيكفي أنين الجميع و إن كان في صمت .
لم يعد في الوطن ما يستدعي الإبتسامة وهذه هي المشكلة أو النتيجة التي وصلنا إليها اليوم جراء خللاً وقع في الماضي ، ربما يكون ذلك الخلل بسيط لكنه كان كافياً لأن يوجع ويُحيل الحياة إلى تِيه وتخبط .
ومن الحكمة عند الحديث عن ذلك الخلل أن أقول " الله أعلم " فأنا لا أدري أين الخلل لكنني أعيش تبعاته ، و تبعاته أننا لم نعد في وطن متحضر ، و المفارقة أننا لسنا في غابة موحشة ، ولسنا كذلك في سيرك رغم كثرة المهرجين .
نحن في وطن فقط ، وطناً و كنتيجة لخللاً ما فقد توقف عن النمو منذ زمن .
---
لا توجد مقطوعة موسيقية خرجت من رحم هذا المجتمع فزرعت الهدوء في نفس إنسان .
لا توجد إنجازات رياضية يمكن أن نقول عنها عالمية ، بل إن الرياضة أصبحت جزءً من الهم الوطني .
لا توجد عقلية إسلامية تجبر الجميع على الإشادة بها .
لا يوجد مثقفاً له رأي مُختلف ، لا توجد رواية عالمية ، أو مسرحية عريقة ، أو كتاب علمي ، حتى القصائد الغزلية أو الوطنية إختفت وإستبدلناها بأبيات الشحاذة .
لا توجد صناعة تبعث على الإفتخار ، لا يوجد .. لا يوجد !
لا يوجد شيء هنا يبعث على الإبتسام !

هل الخلل في الدين ؟
إذاً سامح الله الذي جعل المجتمع يتبع ديناً على هواه وفرض رأيه الذي يقول أن الدنيا دار عبادة فقط فقتل الحياة .

هل الخلل في الدنيا ؟
إذاً سامح الله الذي سرقها منا .

هل الخلل فينا نحن كأفراد ؟
إذاً سامحنا الله على خطيئتنا التي لا تـُغتفر حين حاربنا الدنيا بالدين فضاعت الدنيا وتاه الدين ، و آمنا فعلاً بإمكانية بناء وطناً بالقشور .
---
إن العالم يتقدم ، يخترع ، يتطور ، يبتكر ، يُـبدع ، يُـنجز ، يغني ، يُـمثل ... ونحن كل مشاكلنا أتفه من أن تـُناقش من الإساس .
غارقون تمامً في قضايا تزويج القاصر و تقصير الثوب ، و ثواب الملتحي و تلحية الإبل .
لماذا نذهب بعيداً ؟ هذا الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات قال أن المشروع القادم للإمارات هو بناء الإنسان الإماراتي وتسليحه بالعلم و المعرفة .
وحال المواطن السعودي كما قال نزار قباني : " قل لي ولو كذباً كلاماً ناعما "

نحن يا سادة حتى الأن لم نفهم معنى العبادة ولهذا لا نستوعب أي معنى للحياة ، لهذا وجوهنا مُكفهرة عابسة مهمومة ، نكره الإبتسامة لدرجة أننا لو إبتسمنا نسارع بالإستغفار ،
ويزيد كرهنا للحياة كلما زاد إلتزامنا بالدين ، كأن الله أمرنا أن نعبده عابسين !
نحن أبداً على هذا المنوال لن ننجز ولن نصنع ما نفتخر به ولن نتقدم ، لأننا لم نتعلم كيف نعيش الحياة للحياة لا للهروب من عذاب السعير حتى تحول واقعنا إلى جحيم .
و أول خطوات إعادة الإبنتسامة أن نعترف فوراً بأننا لسنا المجتمع الذي يرضاه الله

هناك 3 تعليقات :

  1. يفول الله في كتابه الآيه..( ولقد كرمنا بني آدم )

    هل يوجد اعظم من هذا المخلوق (الانسان)الذي يسخر كل شئ لخدمته
    وهو محور هذا الكون وتجد في مجتمعنا من اللقطاء ممن استباحوا كرامه الآنسان تغذيهم غريزتهم الحيوانيه يعانون من جوع متصل لايشبع ولو كان
    على حساب العالم كله ,لك ان تنظر الى هذا الانسان الرخيص الذي استباحت كرامته وأصبح لايملك الا القليل منها فكيف تريده كبقيه البشر
    يخترع ، يتطور ، يبتكر ، يُـبدع

    ستعود الابتسامه يوما ما..


    .
    .
    شكرآ لك على مقالك وعلى مدونتك الرائعه

    ردحذف
  2. أتمنى أن تعود الإبتسامة ، إبتسامة الجميع بواقع جميل

    وأسعدتني زيارتك هنا و تكرمك بالتواصل :)

    ردحذف