لماذا لا يستجيب الله دعاءنا ؟


إدعوا الله ، صلوا ، أسجدوا ، إركعوا مع الراكعين ثم وتمسكوا بقرآن آناء الليل و أطراف النهار ، سبحوا الله كثيراً كثيراً ثم استغفروه لذنوبكم فقد طالت عنان السماء .
كونوا قوامين بالقسط ، صِلوا أرحامكم ، و تصدقوا ، ولا تنسوا أن { وبالوالدين إحساناً }، و نوم الإنسان على طهارة عبادة على أن يـُبادر إلى الوضوء فور الإستيقاظ .

أيها الناس : إنما الدنيا جنة الكافر و نعيمه و مقامه و مستقره ، وهي سجناً للمؤمن و كدراً و مدراً و أجمل منافعها هي عليه ضرراً ، و ليس أدنى من الدنيا إلا قلبً قد تعلق بها ليُعمرها كأنها دار خلود لا فناء .
يقول الشاعر في :
نُساق من الدنيا إلى غير دائم ** و نبكي من الدنيا على غير طائل
‏فما عاجِلً نرجوه إلا كآجل ** و لا آجلً نخشاه إلا كعاجِلٍِ

و إن الفقر الذي يعيشه المواطن ليس إلا بلاءً حتى يُقربه الله إليه زلفى ، فيدخل حينها الجنة بأقل حساب و ربما بلا حساب ، فلا تحسبوه شراً لكم .. فإن العِبرة ستأتي بعد الممات ، هنالك حيث سيغبطكم الملوك و الأمراء و التجار على جنة عرضها السموات و الأرض ، فدعوهم يمرحون ويجمعون ويستنزفون ما يشاءون من المال العام و الخاص ومن أرزاقكم و أرزاق أبنائكم ، لا تعترضوا على تشبيكهم الأراضي وتحويل الباقيات إلى قِفار ، لعُمري إنما يبنون قصوراً زائلات مصيرها إلى زوال ، فدعوها إنها منتنة .

لا يشغلنكم عن ذكر الله حب المال أو الحلم بواقع جميل أو تمني مستقبلاً مشرق أو تقرير مصير أو محاكمة فاسداً قد فجر أو تاجراً قد نهب أو مطالبة بمسكن أو تمني عيشة كريمة أو زيادة في الأجر أو إرجاع حق مغتصب ، إن كل تلك الأمور من المُلهيات ، حيث تُلهي عن ذكر الله ولذكر الله أكبر .

إن الزهد تمام الزهد أن تُترك الدنيا ثم لا نُبالي بمن أخذها أكان ملكاً أم أميراً أم تاجراً أم شيخاً أم مثقفاً ، فإن من يتركها زهداً بها فلن يُبالي بعدها أكان ما أُخذ منه فيها مسكناً أم منصباً أم حقاً أم صوتاً أم كرامةً أم حرية ، وإن إغتُصبنا جِهاراً نهاراً فالأولى أن لا نُبالي .


----------   ----------


إن في دولتنا أكثر من خمسون ألف مسجد بخمسين ألف إمام وخمسون ألف مآذنة بخمسين ألف مؤذن ، ملايين المصلين و مئات الألاف من حفظة القرآن والأحاديث وملايين النسخ من القرآن تُطبع بجميع اللغات
وشيوخً و علماء و دعاة و وعاظ ، دعوة و إرشاد و أمراً بمعروف و نهياً عن منكر ، جمعيات خيرية تكفل الأيتام وتساعد الفقراء وتعالج المرضى !
لم يبقى فعلاً في خدمة الإسلام إلا سلكناه ، ولم يتبقى إلا أن تُصافحنا الملائكة في الطرقات لكنها لم تُصافحنا حتى الآن !
لماذا لم تُصافحنا ؟
لأن كل أعمالنا و أقوالنا و صلاتنا و صيامنا وتسبيحنا و إستغفارنا شكليات لا أكثر ، ليس هنا روح و لا خشوع و لا إخلاص في أعمالنا ، فأعمالنا هي كرماد قد إشتدت به الريح .
ولأننا أيضاً مُعجبون بما قدمنا ، فساقنا إعجابنا إلى القعود و الرضى و القناعة التامة بأننا قد أدينا الأمانة ، ولم يعد في في الإمكان أن نـُكثر من عمل الخيرات أكثر !
ألسنا إذاً نجهل تمامً أن الإسلام أعظم ؟

ثم ها نحن إلى الجاهلية الأولى أقرب ! ، فأين الخلل ؟
الخلل في إعتقادنا أننا على تمام الإيمان ، لم نستوعب حتى الأن أن الغاية من الإسلام هي خلق مجتمع سليم ، الأمر فيه شورى ، العدل فيه أساس الملك ، الحاكم فيه خادمً للشعب ، للشعب فيه السلطة العليا .
القضاء فيه مستقل ، والحرية تُكفل للفرد ، وأن المساس بالمال العام كالكفر الأكبر أو أشد .
بمثل هذا المجتمع يقوى الإسلام و ينتشر و يستمر ، كما قوي و إنتشر و إستمر منذ القدم .
لكننا نتجاهل كل تلك الأمور العظام و التي هي من أساس الإسلام ،  لنُسارع لأداء الصلاة ، ثم و بعد الصلاة ننكب على وجيهنا فُرادى !
خمس مرات نجتمع كل يوم وقلوبنا شتى ، ثم لا يجمعنا بعدها فِكراً و لا يُوحدنا صفاً
ثم نتسائل في الأخير ، مُستغربون : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟
كيف يستجيب الله لنا ونحن ندعوا بلا عمل و أننا إن عملنا فأعمالنا كسراب ، فغياب المجتمع السليم سيجعل الجميع يعمل بمبدأً " نفسي نفسي " فُرادى نجتمع خمس مرات كل يوم بلا أي فائدة .

لكن نرجوا الله أن يمن علينا بالمغفرة ، فقد عظُمت خطيئتنا ، و لنا ذنوبً قد أزكمت الأنوف ، وأن يتغمدنا بواسع رحمته قبل أن تُقطع الشعرة التي تفصلنا عن بلوغ الحضيض ، هذا إن لم تكن قد قطعت أصلاً .

0 التعليقات :

إرسال تعليق