"جاكيت السيسي" والحرب القذرة



الحرب ضد الحوثي في اليمن، وحرب الجيش المصري ضد الإرهاب، ومواجهة الخلايا النائمة وتلك النشطة هنا وهناك، كل هذا لا يُعد شيئاً يُذكر أمام الحرب التي يواجهها المواطن في الخليج ومصر تحديداً، فالجيوش يمكن مواجهتها، والخلايا الإرهابية يمكن تحجيم خطرها، لكن الحرب التي تمولها وترعاها (دويلة قطر) وتجند لها كل المرتزقة، هذه هي الحرب الأخطر، كونها حرباً لا تستهدف أرض الخصم إنما عقله والسيطرة على روحه، فإذا ما تم إحتلال عقل الخصم فسيتكفل هو بالباقي، سيبدأ في إطلاق النار في كل إتجاه، وأينما اتجه فلن يصيب إلا أهله ومجتمعه وقادته وعلمائه، هؤلاء العلماء الأجلاء الذين يُصِر الإعلام القطري والإخونجية على وصفهم دوماً بعلماء السلطان للحط من قيمتهم قدر المستطاع.

بالمختصر، إن غاية هذه الحرب أن يمقت الإنسان أخيه وجاره وجيشه وحكومته وعلماءه، أن يكره كل شيء ويفقد الأمل في كل شيء ويحقد على كل شيء، وحين يصل الإنسان لهذا المستوى من اليأس سيصبح جندياً في جيش عدوه ويبدأ في تدمير كل ما يحب.
إنها حرباً هدفها تحطيم معنويات المواطن، وحرق أعصابه قدر المستطاع.
أدوات هذه الحرب هي الإشاعات وعمليات التزوير والتلفيق والكذب والتضليل ولي أعناق الحقائق كلها، حرباً عمادها السفالة والفحش والفسوق، جنودها مدربون على التخلص من كل القيم والأخلاق، جنوداً إن لم يجدوا على خصمهم مستمسك فلا أسهل لديهم من الخوض في الشرف والأعراض والإستهزاء بلون هذا الخصم ونسبه ومهنته، هذا ملعبهم وهذه أدواتهم التي تمولها دويلة قطر ويرعاها الإخوان.

في الأيام الماضية زار الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" أحد مقرات تدريب الجيش المصري، وكان يرتدي أثناء الزيارة "جاكيت أسود" إلى هنا والموضوع بسيط جداً ولا شيء فيه يدعوا للإنتباه، إلا أن هذا الموضوع البسيط والروتيني جداً قد حوله الإخونجية والإعلام القطري لقصة وفلم هندي.
القصة أو الفلم أنهم اخذوا صورة "جاكيت السيسي" وبالفوتوشوب وضعوا عليها علامة لماركة مشهورة، ثم أخذوا صورة من موقع الأمازون لجاكيت عليه نفس هذه العلامة وسعره 700دولار، ثم جمعوا الصورتين ونشروهما في كل مواقع التواصل، كل هذا فقط لكي يقولوا للشعب المصري: ها هو رئيسكم الذي يجبركم على التقشف، يشتري الجاكيت فقط بـ700دولار !.
طبعاً الرسالة المبطنة هنا والتي يريد الإخونجية والإعلام القطري إيصالها للشعب المصري هي (ما خفي أعظم) وهذا هو إحتلال عقل الخصم، أن تعطيه معلومة بسيطة وإن كانت ملفقة ثم تجعله يبني فرضيات كثيرة إلى أن يكره الواقع الذي يعيشه.

"جاكيت السيسي" يوضح لنا تماماً أننا أمام عدواً لا يغض الطرف أبداً حتى عن مثل هذه الأشياء البسيطة جداً، أننا أمام عدواً قد مسخه الله وكتبه كذاباً وانتهى الأمر، عدواً يكذب ثم يكذب إلى أن أصبح الصدق في عرفه رذيلة، وطبعاً قائمة الأكاذيب والإشاعات التي روج ولا زال يروج لها الإعلام القطري والإخونجية، قائمة طويلة لا تنتهي، من أبرز هذه الأكاذيب التي يعتنقها هؤلاء ويروجون لها ألف مرة في اليوم، هو موضوع (صفقة القرن) وكيف أن القادة في السعودية والإمارات ومصر اتفقوا على ضرورة تهويد فلسطين بالكامل وترحيل كل فلسطيني لسيناء المصرية مع إجبار القيادة الفلسطينية على بيع القدس لإسرائيل بلا ثمن، وطبعاً في الموضوع تفاصيلاً كثيرة كلها بالمجمل كلام فاضي.
الإعلام القطري يتبنى هذا الغباء ويروج له بإستمرار ليزرع وهماً في نفسية المواطن الخليجي والمصري بأن قادته يعملون على تدمير الأمة، وكأن قاعدة العيديد في الرياض والمكتب الدبلوماسي الإسرائيلي في دبي وليس في الدوحة.

يمكن القول بأريحية أن الكذب عند الإخوان عقيدة، وأن الخداع لدى "الحمدين" مبدأ أساسي من مبادئ الحكم، يكذبون حتى وإن صدقوا، ويخدعون حتى في ملامحهم، يعيبون غيرهم بما هو عيبٌ فيهم، ويلصقون على الأخرين كل صفاتهم القبيحة.
يزورهم رئيس الوزراء الإسرائيلي "بيريز" علناً في زيارة مسجلة بالصوت والصورة، ويزورون إسرائيل بشكل دوري علني، ثم ينشرون في الأجواء إشاعات بأن ولي العهد "محمد بن سلمان" زار إسرائيل سراً وبشكل مستعجل استغرق سويعات قليلة أنهى فيها كل القضايا العالقة منذ ستين عاماً!، ودليلهم الوحيد على هذا أنهم هم الذين قالوه وأنهم رددوا أكاذيبهم ألف مرة، متأملين ان يتحول الموضوع بكثرة الترديد لحقيقة مؤكدة.


لكن، رغم كل هذا النهيق الهستيري المزعج والمتواصل، لابد وأن ننظر للأمر من زاوية أخرى، من زاوية أن الحِمار كائن لا يتحرك إلا بالضرب، فإن تحرك، تحرك منزعجاً من هذا الضرب وأخذ ينهق بشكل متواصل، لكن على الرغم من إنزعاجه وكل هذا النهيق المتواصل إلا أنه لا يتوقف أبداً عن الحركة ولا حتى ينحرف عن مساره المحدد له، و(عاصفة الحزم) هي مشروع الهدف منه ضرب كل هؤلاء الذين فعلاً تحركوا بعدها، بل وتحركوا وهم منزعجين وينهقون بشكل هستيري متواصل، إلا أن كل هذا لا يهم طالما لا يزالون محافظين على سيرتهم ولم يتوقفوا عن الحركة أو حتى ينحرفوا عن مسارهم المحدد لهم، هذا المسار قد حددته سنن الله في حياة الأمم، بمعنى أن التاريخ قد حدد لكل هؤلاء مساراً واحداً لم يحدث حتى الآن أن إنحرف عنه أحد وبالتالي تجنب السقوط في مزبلة التاريخ.

0 التعليقات :

إرسال تعليق