تجلي مريم العذراء .. في نجد



وأخبر بيت داود وقيل له : « قد حلت أرام في أفرايم » فرجف قلبه وقلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح

المهم

توطئه أولى .. العقلية السعودية :
البعض هنا يفهم يفكر يناقش يتحرك ، وفق مجموعة من المفاهيم والإعتقادات الثابته التي هي دائماً جاهزة ومستعدة لإصدار الأحكام المسبقة بعيداً عن التحليل والإستنتاج .
و في الغالب فإن الإنفعال لديها هو سيد الموقف ، والتشنج للرأي السائد هو الحكم و ذلك لأن هنالك أراء وأفكار ومعتقدات و عادات و تقاليد تلغي إستقلاليتهم .
دائماً إن جاء فكراً مخالف ودخل على أولئك البعض سيقابل بزمجرة ونظرات غضب .، لماذا ؟ ، لأن لهم عقلية تنظر بعين الريبة والشك قبل عين العقل و الإنصاف .
فأنت أيها المخالف أمامهم لن تخرج عن أحد هذه الأوصاف " خارجي ، زنديق ، علماني ، عميل  ، تغريبي ، تسعى لهدم ثوابت الإسلام ، داعي للفجور ، فاسق ، من دعاة جهنم ..... إلخ " أو بالنسبة للطرف الأخر فأنت " منغلق ، ظلامي ، رجعي ، جامد ، والتهمة الأجمل ( إسلامي :) .. ) .. هي قائمة طويلة من الإتهامات لا تنتهي !

هؤلاء لديهم ،،،
المرأة : كائنً قابل للفساد آيل للسقوط في أي لحظة ، أو قابل للمساومة مستعداً للنهش في أي لحظة .
الدين : لا يتخطى الحدود السعودية و إن تخطاها فهو الكفر البواح ، أو أنه مرن جداً لدرجة أن يقبل كل أنواع السقوط .
الإصلاح : مؤامرة ماسونية لهدم هذه الأسرة المتماسكة ، أو إنه فعلاً مأساوياً لا يجوز الحديث عنه .
الحرية ، الديمقراطية : أفكاراً وافدة ، أو أفكاراً يجب الأخذ بها دون تمحيص .

وهكذا تستمر الهوامش وتندثر الحقيقة .

توطئة ثانية .. العقلية السعودية ، كلاكيت ثاني مرة :
أيضاً البعض هذا المجتمع مثله مثل أي مجتمع فيه ثلاث أقسام للعقليات ، طرفين وخيط بينهما ، أو طرف في أقسى اليمين و طرف في أقسى الشمال وفي المنتصف يسكن أغلب المجتمع .
هذا يـُكفر ذلك ، ذلك يكفـُر بمعتقدات هذا ، وعامة الشعب تغدوا و تروح وهي حانية رأسها تجنباً للتراشق .
لكن إلى أي الطرفين يميل المجتمع ؟
كجواب على هذا السؤال ، لنفترض إفتراضاً أن صارخاً وقف يصرخ " في بيتنا شيعي " سيـُجيب المجتمع نداء الإستغاثة بـ " الملعون يـُـريد نشر شركياته هنا ! ، عليه وعلى مذهبه من الله كل اللعنات " ، ثم لن تجد في المجتمع من يتسآئل " ربما ذلك الشيعي عابر سبيل ، أو يجوز أنه إنسان له حقوق " .
ومن سيتسأل حينها يعلم قبل أن يطرح سؤاله أن تقسيمات عقليات المجتمع كلها ستتحد لتـُـلقي به في أقصى اليسار!

توطئة ثالثة .. العقلية السعودية ، كلاكيت ثالث مرة :
عندما تكون الفكرة السائدة عند البعض أن التاريخ كان ينتظر ولادنه بفارغ الصبر ، وأن الله بارك التاريخ لوجوده فيه فأعلم رعاك المولى أنك أمام عقلية لا تـُـفكر و إنما تتلقى فقط ، أو يـُلقى إليها بما يـُـلقى .
لأنها عقلية تطوف دائماً على الحواف وتخشى على دينها من التعمق في الفكرة ، أو تخشى على عقلها من الدين للأسف ! فلو قدر الله وإنقرضت هذه العقلية ، سنكتشف أنها لم تنتج ما تساهم به في فلك الحضارة و التطور ، حتى لو بكتاب عابر ! ، بل حتى لو كتيب يمكن أن يعتد به .

**************************

من زاوية أخرى .. مجرد خيال :
نحن في هذا المجتمع وبوجود تلك العقليات وبكل جدارتها في الإقصاء ، لو إفترضنا مجرد إفتراض أن محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يكن خاتم الأنبياء ، وأن زماننا هذا زمان نبي جديد .
ولنتعمق أكثر في الخيال ونقول أن عيسى لم يولد بعد ومقدراً له أن يولد بعد محمد - عليهما السلام -
لنفترض أن مريم إبنة عمران إمرأة سعودية ، جائها المخاض فأنتبذت من أهلها مكاناً شرقياً ، ثم جائها جبريل متمثلاُ لها بشراً سويا ، فأستعادت بالله منه ، فقال لها إنما جئت لأهبك غلاما زكيا رحمة للناس
فحلمته تسعة أشهر ثم جائت إلينا في هذا الزمان وبعقلياتنا نفسها تحمل بين يديها طفلها
فهل سيقولون لها : يا مريم لقد جئت أمراً فريا ! ، ما كان أبوك إمرأ سوء وما كانت أمك بغيا
أم سيولون : يا مريم لقد جئت أمراً فريا ، إن أبوك إمرأ سوء ، ثم إن أمك بغيا - وأستغفر الله -

**************************

اليهود عادوا عيسى إبن مريم وعادوا أمه العذراء لأن عقلياتهم تفهم ، تفكر ، تناقش ، تتحرك . وفق مجموعة من المفاهيم و الإعتقادات الثابتة لديها .
وهم دائماً جاهزون لإصدار الأحكام المسبقة ، والإنفعال هو السيد في تصرفاتهم ، والتشنج لرأيهم هو دائماً الحكم
كانوا يعتقدون " اليهود " أن من ـُخالفتهم ستـُخرج المُخالف من دينهم بالضرورة ،أي أنه فاسق ، من دعاة جهنم ، يسعى لهدم ثوابت اليهودية ، و بتلك العقلية واجهوا عيسى و أمه ، فأكثروا في حقهما الإتهامات !
كان اليهود يـُـؤمنون تمامً " ومازالوا " بأنهم شعب الله المختار ، وأن التاريخ إنتظر إنبعاثهم بفارغ الصبر ، وأن بقية الأمم أقل منهم شأناً
ولأن اليهود في ذلك الزمان كانت عقليتهم بتلك الصفات نظروا لمريم إبنة عمران بعين الريبة والشك ، وبكل زمجرة و غضب قالوا : يا مريم لقد جئت أمراً فريا ! ، ما كان أبوك إمرأ سوء وما كانت أمك بغيا


ربما من حكمة الله أنه ختم بالنبي محمد - عليه الصلاة و السلام - أمر النبوة .


((( هذا الموضوع لا أقصد به تعميم ما فيه من مفاهيم على كل أفراد المجتمع ، ولا على فئة دون الأخرى إنما عن فئات من المجتمع متطرفة وتشوه الواقع )))